دراسـة ظـواهـر الطـقـس مـيدانيـا

دراسـة ظـواهـر الطـقـس مـيدانيـا

1 - الـمـقـدمـة :
تـمثل ظواهر الطقس الـمحلي اكثر مفردات الجغرافيا يسرا لامكانية ملاحظتها من شباك قاعة الدرس ، و تتعدى فائدتها الدرس واليوم و الـمكان ، و التعود على ملاحظتها و تـحليلها يفيد الانسان في جـميع الاماكن والازمنة . فالـحديث عن الطقس وتقلباته اول موضوع يبدأ به الانكليزي الـحديث مع من يعرفه او لا يعرفه ، واول موضوع يـجب ان يبدأ به مدرس الجغرافيا مـحاضرته بغض النظر عن موضوع الدرس . وترتبط بالطقس الكثير من الامثلة الشعبية في مـختلف اصقاع العالم ، والكثير من الطباع والسلوكيات ، والانـماط الـمعيشية . ومن خلال ملاحظة عناصر الطقس يتحدد ما يلبسه الفرد قبل خروجه من البيت ، او قيامه بنشاط خارج الـمباني و الغرف الـمغلقة .
من الضروري ان يقوم مدرس الجغرافيا بتوفير العديد من الصور و الخرائط والـمخططات التي تعرض بوضوح عناصر الطقس وانواعها لتكون وسائل ايضاح للطلبة تساعدهم في فهم مايدرسوه في الكتب وما يشاهدوه في البيئة . ان الاعتماد كليا على مديريات التربية في توفير مستلزمات الايضاح و التعليم دليل على الكسل وعدم الاهتمام بالاختصاص والاكتفاء باقل جهد في تطوير قابلية الطلبة وتعليمهم ما يـجب ان يعرفوه ويتقنوه بوعي وادراك . ان الجهد الـمبذول في توفير هذه الـمستلزمات قليل جدا مقارنة بالفائدة الـمرجوة منها في كل مرة يستخدمها الـمدرس
ان زيارة واحدة لـمحطة الرصد الجوي ومشاهدة الاجهزة في اماكنها الرسمية لا تؤثر كما هي ملاحظة صورة (أو مـخطط) تعرض انواع الغيوم تعلق في الصف او تعرض فيه بين الحين والآخر ، كذلكم الحال مع مـخطط قياس سرعة الرياح ، ودورة الرياح العالـمية . بالامـكان تنفيذ هذه مـحليا بعد تكبيرها ونقلها من مرجع علمي اعتمادا على طلبة كفوئين في الرسم ، او مدرس الـمادة الفنية في الـمدرسة . ولعل هذه الصيغة تضفي عليها قيمة علمية لاحساس الجميع (ادارة واشراف وطلبة و ذويهم) باهتمام الـمدرس بايصال الـمعلومات باكثر من طريقة الى الطلبة وبـجهد استثنائي . من خلال عمل هذه الـمصورات وتعليقها في الـممرات و القاعة ومشاهدتها يوميا من قبل الطلبة يكون نسيانها صعبا ، وتكون حاضرة في ذهن الطلبة حيثما احتاجوها ، سواء في الامتحان او خارجه . وبدء الـمحاضرة بـالاشارة الى عناصر الطقس و ظواهره تدفع بالطلبة لـملاحظتها و النقاش حولها قبل الدخول الى القاعة ، وبهذا تتحقق الفائدة من احد اهم موضوعات الجغرافية التطبيقية في الحياة اليومية .

2 - قـراءات لا تـحتاج الى أجـهـزة :‎
الـمدرس الجـيد بامكانه ايـجاد صيغ بديلة لتسجيل قراءات عناصر الطقس يقوم بها الطلبة توثيقا للتبدلات اليومية فيها واستنباط توقعات للمستقبل القريب على اساسها . فجداول الانواء الجوية (الـميترولوجية) برموزها الـمعقدة يـمكن ان تبسط وترسم يدويا وتـملأ من قبل الطلبة يوميا بـحضور مدرس الجغرافيا .
(أ) مـلاحظـة الـرياح و دراسـتها :
بـمعرفة الاتـجاهات الاربع بالامكان تسجيل اتـجاه الرياح يوميا ، وفي نهاية الشهر ترسم وردة الرياح لتقارن مع نظيراتها السابقات و اللاحقات والخروج بـملاحظات عن التبدلات الـموسمية في اتـجاه الرياح السائدة . ومن الضروري ان لا يكتفي الـمدرس بهذا بل يكمله بتقدير سرعة الرياح ايضا من خلال ملاحظة حركة الدخان (ان وجد) او اغصان الاشجار . وفر مرجع اليونسكو في تعليم الجغرافيا جدولا لقياس مبسط لسرعة الرياح اعتمادا على مقياس بوفور
Beaufort Wind Scale . يـمثل العمود الاول درجة قوة الريح ، الثاني سرعتها ، الثالث كما توصف الرياح في نشرات الرصد الجوي ، يعرض العمود الرابع اثرها على الارض والتي تعتمد من قبل الطلبة لتوثيق سرعة الرياح عند دراستها مـيدانيا .
(ب) مـلاحـظـة الـغـيوم و دراسـتها :
تتنوع الغيوم وتتباين في نوعياتها و الارتفاعات التي تـحتلها و طبيعة التساقط الناتج عنها ، لذا تعد مؤشرا جيدا عن حالة الجو السائدة (جبهة دافئة ، باردة ، اعاصير ، ...) ، بعبارة اخرى ، ان معرفة نوع الغيوم و نسبتها في السماء ، وربط ذلك بعناصر الطقس الاخرى من رياح و درجات حرارة ، تساعد كثيرا في توقع حالة الطقس للمدى القريب . وتعويد الطلبة على قراءة لوحة السماء تسهم في فهم الجغرافيا والاستفادة منها للتكيف مع ظروف الجو الـمتوقعة .

جدول بالمرفقات

قدم برتشارد (Pritchard 1984) ربطا مباشرا بين نوع الغيوم وطبيعة الـتساقط ، فالجو اللطيف يكون مع غيوم قليلة من نوع (Cumulus ) أو (Cirrus ) او غيوم الطبقات العليا . اما الغيوم الطباقية (Stratus) فتسبب الرذاذ ، والغيوم الكثيفة السميكة من نوع (Nimbostratus) فتسبب الـمطر ، وتتأتى زخات الـمطر من غيوم كبيرة من نوع (Cumulus) ، والعواصف الـمطرية الرعدية فتسببها هذه الغيوم ايضا . تعرض الكتب الـمنهجية في الطقس و الـمناخ تفاصيل كثيرة عن هذا الـموضوع .

3 - البـدايـة وليـسـت النـهاية :
ان مـلاحظة الغيوم والرياح واتـجاهاتها من قبل الطلبة وتسجيلها ، قد يدفعهم للاهتمام بدراسة عناصر الطقس الاخرى من حرارة و رطوبة وسطوع شمس وقياسها باجهزة بسيطة يـمكن توفيرها مـحليا ، وقد تـحثهم للمساهمة الفاعلة في توفير الاجهزة والـمعدات و وسائل الايضاح ، وبهذا تتوفر في الـمدرسة مستلزمات مـحطة رصد جوية بسيطة ولكن فائدتها تتعدى التصور .
ان اعتماد القياسات التي لا تـحتاج الى اجهزة تسهل كثيرا عملية توفير الاجهزة والـمقاييـس الخاصة بعناصر الـمناخ ، انها البداية ولن تكون النهاية ان شاء الله . وبالتأكيد لا تنحصر قيمة هذه الـممارسة على دراسة الطقس ، بل تكون بداية لدراسات ميدانية للظواهر الجغرافية الاخرى في الـمحيط القريب وفي الـمناطق الاخرى التي يسهل الوصول اليها . لعلها أفضل ما يـمكن البدء به ، اضافة الى رسم خارطة الـمدرسة و الحي السكني .
ومن الواجبات التي يـمكن أن يكلف بها الطلبة في موضوع دراسة الطقس الـمحلي هو تقديم جدول يـمثل عناصر الطقس و قراءاتها خلال الاسبوع ، كأن يكون العمود الاول عن اتـجاه الرياح ، الثاني سرعتها ، الثالث نسبة الغيوم في السماء ، الرابع عن نوع الـمطر . وقد تعتمد الرسوم او الرموز للتوضيح ، فالغيوم يعبر عنها بدوائرة يتم تضليلها حسب نسبة الغيوم في السماء ، ويؤشر الـمطر برسم مظلة عليها قطرات متساقطة ، ورمز الرعد والبرق معروف ، واتـجاه الرياح يرمز اليه باحرف تـمثل الاتـجاهات الاربع . وتكون هذه بداية لقراءة خرائط الطقس الــمعتمدة عالـميا . وفي الجامعة لا مناص من التدريب الكافي لقراءة خرائط الطقس و الـمناخ . ومن الضروري ان لا يكتفى بتقديم الجداول هذه ، بل تـحليلها من قبل الطلبة للتعود على التفكير الاستنتاجي والاستدلالي ، ولتكون لـها قيمة علمية تعزز الاهتمام بها .

نقلاً عن موقع الدكتور مضر